الاثنين، 13 يناير 2014

حكاية التاجر اليهودي ورجال أعمالنا

دعونا نبدأ في الجزء الأول من عنوان المقال وهو حكاية التاجر اليهودي ثم بعد ذلك نعرج على الجزء الثاني وهو رجال أعمالنا.حكاية التاجر اليهودي سمعتها من صديق سعودي عاشت عائلته  في العراق زمن الهجرات من نجد قبل إستقرار الأمور وإنشاء المملكة حيث تكونت جالية كبيرة هناك عرفت لاحقآ بالزبيرية نسبة إلى مدينة الزبير قرب البصرة . يقول الصديق أنه في ذلك الوقت كان يوجد عدد لابأس به من العراقيين الذين يعتنقون الدين اليهودي وكانوا مندمجين مع بقية الطوائف في العراق. كان هذا التاجر اليهودي يملك متجرآ يبيع فيه الأقمشة التي تستورد من الهند . وكانت أسعاره دائمآ أقل من مجاوريه من التجار و كان يزعجهم ذلك ويتسألون كيف يحقق أرباحآ علمآ أن أسعارهم لا يوجد فيها هامش ربح كبير.
وعندما قامت دولة العدو الإسرائيلي في عام 1948 م  أخذ بعض اليهود في العراق بالهجرة لها لإسباب متعددة ليس مكانها هذا المقال .وفي يوم قرر التاجر الذي نتكلم عنه في المقال الهجرة هو الأخر وباع كل ممتلكاته فقرر زملائه وجيرانه إقامة حفلة وداع له. وأثناء الحفلة وفي أجواء وداع صادقة  سأل أحد الحضور التاجر اليهودي سؤالآ مفاجئآ عن تجارته في الماضي وكيف إستطاع أن يحقق أرباحآ من تجارة الأقمشة مع أن أسعاره منخفضة تصل أحيانآ إلى أنها أقل من التكلفة. عندها ضحك التاجر وألقى إجابة صاعقة للحضور وقال لهم ومن قال لكم أنني أتاجر بالأقمشة.وأكمل إجابته أنني أستورد الأقمشة من الهند مثلكم بصناديق خشبية  وكنت أخذ هذه الصناديق وأصنع منها صناديق خشبية صغيرة أبيعها على المزارعين لإستخدامها في وضع إنتاجهم الزراعي فيها وكان ذلك بإسعار مغرية تحقق لي الأرباح. وبالتالي كلما أستوردت كميات أكبر من الأقمشة كلما حصلت على أخشاب أكبر لصناعة صناديق صغيرة أكثر وهكذا كانت دورة أعماله لسنوات عديده .
والأن وبعد ما عرفنا حكاية الجزء الأول من عنوان المقاله دعونا ننتقل للجزء الثاني وعلاقته  بالجزء الأول. خلاصة الجزء الأول (حكاية الرجل اليهودي)  والتي نستنبطها لغاية هذه المقالة  واضحة وبسيطه وهي أن لاتغتر بما قد يكون لك ظاهرآ دون سبر وتحليل ماهو خفي وحقيقي فليس كل شحمة لحمه وليس كل مايقال يعبر عن الحقيقة .إن كثيرمن رجال أعمالنا في تصرفاتهم وممارساتهم يأخذون بالحكمة اليهودية .فأكثرهم ينادي على سبيل المثال بالسعودة وقد يكون عضوآ في لجنة لذلك بينما هو يبيع مثل صناديق التاجر اليهودي. الكثيرون يعلمون أن بعض رجال الأعمال  يقدمون المقترحات للأجهزة التنفيذية لمشاكل معينة وهدفهم نتيجة  لايراها غيرهم وهي بعيدة عن ظاهر الأمر. لقد علمتنا التجارب أن رجل الأعمال (أو رجل المال كتعريف أصح) لن يشغل باله بحل مشاكل المجتمع ومراعاة الضعفاء والفقراء ولذا على أجهزة الحكومة ومستشاريها أن يكون أخر إهتمامهم نصيحة أو مقولة رجال الأعمال فقد أوصلوا حال المجتمع إلى ماوصل إليه من بطالة وسوء خدمات  وإحتياج إسكان وغير ذلك كان من الممكن تفاديها لو تعامل متخذي القرار معهم بحذر مستندين إلى حكمة التاجر العراقي اليهودي من حيث معرفة الخفي قبل الظاهر .لقد وصلت إلى قناعة شخصية أن زوبعة القطاع الخاص ودوره في الإقتصاد السعودي هي مغامرة فاشلة دفعنا ثمنها كبيرآ .ومما يزيد الجرح إيلامآ أن أكثر من ينتقد الحكومة على المشاكل الإقتصادية هم مايسمى رجال القطاع الخاص بعد أن ملوا أرصدتهم وتركوا الحكومة وبقية المجتمع يواجهون مصيرهم .بل أن أنهم يهددون بالويل والثبور عند الإقدام على أي خطوة لإصلاح ما أفسدوه وكان أخر ذلك القضاء على العمالة الغير نظامية . إن خفايا وحقائق القطاع الخاص هي نفس حكاية  التاجر اليهودي من وجود صنعتين  وأسلوبين لإدارة أعمالهم فمتى يصلون إلى شفافية اليهودي العراقي ويكشفون لهذا المجتمع طريقتهم لتكديس الأموال وخداع بقية المجتمع . وكم من قرار أو نصيحة أو توجه عملوا عليه وأنشأؤا اللوبيات لتحقيقه بينما نحن "ياغافل لك الله".
لقد جربنا خدعة  القطاع الخاص لسنوات طويلة ظنآ أننا نتكلم عن قطاع خاص كما يعرفه  علم الإقتصاد وكما تمارسه دول العالم المتقدم التي تؤمن بالإقتصاد الحر ولكن عند ظهور الحقيقه إكتشفنا حاجتنا لمعرفة الحقيقة كما عرفها التجار العراقيين من جارهم التاجر اليهودي.
لقد أصبح الأمر واجبآ أن تتولى الحكومة معالجة إحتياجات شعبها بعيدآ عن فلسفة دعم القطاع الخاص فلم يعد المواطن مستعدآ لتحمل ممارسات وجشع رجل أعمال لايهمه إلا رصيده ولو كان ذلك على حساب جروح المحتاجين والضعفاء سواء كان ذلك وظيفة أو مسكن أو علاج أو تعليم. فخيرات بلدنا كثيره وقادتنا نواياهم صادقه فلنتعامل بدون وسيط يسمى رجال أعمال .
اللهم إحفظ هذه البلاد وإرزق أهلها على نياتهم الطيبه وإحمهم من كل رجل أعمال جشع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق