عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بداء
بإصلاحات كبيرة في البنية الإدارية إنطلاقآ (حسب فهمي) من إيمانه بأن المرحلة
القادمة وما ستشهده من تغيرات لابد أن تتوفر لها عوامل النجاح والتي من أهمها
الهياكل الإدارية القادرة والمؤهله على تنفيذ رؤيته وأماله وطموحه لرفع شأن
المملكة وإيصال مستوى معيشة أبنائها إلى أعلى المستويات.
وبحكم التخصص والإهتمام فإن إنشاء مجلس الإقتصاد والتنمية كان هو بارقة
الأمل التي أثارت الإهتمام حيث يمكنني إعتبارها تطبيقآ واقعيآ للمثل االقائل
" أخر العلاج الكي" وذلك لما عانته التنمية الشاملة من إهمال (أو عدم
جدية) بحيث فقدنا البوصلة ونسينا لماذا نبحث ونطالب بالتنمية. ولأهمية وقيمة مجلس
الإقتصاد والتنمية ودوره المنشود والمأمول فسوف أكتب عدة مقالات تتعلق بأمالنا وطموحاتنا بهذا المجلس . ولكن رغبة في التذكير بالمهم فإنني أستأذن الجميع
بإعادة نشر مقال سبق أن كتبته لأنه يمثل العمود الفقري للبناء التنموي وقد كان موجهاً لوزارة الإقتصاد والتخطيط والتي كنا نأمل أن
تعلق الجرس ولكن !!!!
التنمية ليست أسمنتآ.
18/10/2012
والمملكة دولة أنعم الله عليها بخير كثير يمكنها من أن تكون دولة في
مقدمة الركب العالمي في مجال التنمية حسب التعريف المبسط الذي أشرنا له في مقدمة
المقال.ولذا فإنه يحز في النفس أننا حذفنا مبدأ خلق الوظائف من آليتنا في بناء
المشاريع أو إعطاء القروض أو جلب الإستثمارات وبالتالي أصبحنا نجد إنفاقآ كبيرآ
يتصاعد سنويآ وفي نفس الوقت معدلات بطالة مقلقة تحير كل مهتم بشأن العام أو متخصص
في مجال الإقتصاد والتنمية.لقد حولنا بكل أسف التنمية لدينا إلى مفهموم ضيق يعني
المزيد من خلطات الإسمنت وكميات الحديد. وأصبح المسئولون يجوبون المناطق ويقصون
أشرطة الإفتتاح للكتل الخرسانية أو الأمتار الإسفلتية دون أن ينظروا عن يمين ويسار
موقع هذه المشاريع التي يفتتحونها ليجدوا من أثقل كاهلهم بطالة غير مبررة وإهمال
لايستحقونه ممن إفتتح المشاريع وكأن مهمتهم هو مسك مقص قص الشريط .لم يسأل هؤلاء
المسئوولون عن كم سعودي شارك في بناء المشروع وكم سعودي سوف يجد وظيفة نتيجة لهذا
المشاريع . لقد أصبح معيار التنمية بكل أسف يقاس بعدد أكياس الإسمنت المستخدمة
ولذا إنتشرت مصانع الإسمنت وأصبح الحصول على رخصة جديدة لمصنع إسمنت قمة النجاح
المالي لمن وراءها.
نحن نعرف أن دول كثيرة تقضي وقتآ طويلآ في إجراء الدراسات والتحليلات
للأثار الإقتصادية والإجتماعية لمشروعات لاتكلف عشرات الملايين وذلك بهدف تحقيق
أعظم الفوائد من تلك المشاريع خاصة ما ستنتجه من وظائف جديدة للمواطنين بينما نحن
نوقع عقود مشاريع بالمليارات دون أن يرف لنا جفن من عدم وجود سعودي واحد فيها . لقد
أصبح هدفنا وإنبهارنا (وقد يكون مصالح البعض) في حجم الكتل الخرسانية وكثرتها فلا
نحن حققنا تنمية حقيقية كما يعرف بنظريات الإقتصاد ولانحن حافظنا على مواردنا
الطبيعية وأبقيناها للأجيال القادمة.يقال في الأمثال الإعتراف بالحق فضيلة والرجوع
عن الخطأ كذلك وهذا مانحتاجه الأن قبل أي وقت أخر. فالإستمرار بهذاه المعدلات من
المشاريع الإسمنتية التي لاتوجد تنمية حقيقية هو شر خطير نأمل أن نتجاوزه بأقل
الأضرار.
لقد أصبحت الحاجة ماسة لإن تنفض وزارة الإقتصاد والتخطيط الغبار عن
مكاتبها وأوراقها وتنطلق في مسار جديد وحقيقي لتحقيق التنمية وإعادة ممارساتنا إلى
الطريق الصحيح فالإسمنت لايحقق وحده أقتصاد قوي والإنفاق على المباني فقط لا يوفر
خبزة لجائع أو كرامة لمواطن عاطل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق