الأربعاء، 25 مارس 2015

رسوم الأراضي ومعضلة الإسكان

نعيش هذه الأيام  فرحة  صنعها الإعلام ( خاصة الإعلام الجديد) تتمثل في خلق إنطباع  لدى كثير من المواطنين بأن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سوف يتحول أتوماتيكيآ إلى  حصول من لا يملك سكنآ إلى تحقيق ذلك  وبالتالي سوف تبدأ أعدادهم  بالتناقص. وحقيقة الأمر أن هذه الفرقعة الإعلامية تحتاج إلى ضبط وربط فهي مثل السراب في الصحراء للظمأن يركض نحوه وكل ما قرب منها بعد.
وحتى يكون نقاش هذه الخواطر  في مقالة اليوم شفافة وواضحة لابد أن نبدأ من معطيات  يتمثل أولها في بيان قناعتي الشخصية حول فرض رسوم على الأراضي البيضاء  حيث أنني مع الرأي الذي يدعو إلى فرض رسوم على الأراضي البيضاء ضمن ضوابط واضحة ودقيقة ومدروسة تأخذ في إعتبارها خصوصية كل مدينة وواقعها الإقتصادي وكذلك أجزاء كل مدينة من حيث  القوة الشرائية للسكان لكل جزء  . كذلك لابد من تكون الضوابط مراعية للإستعمال من تجاري وسكني وصناعي ...إلخ .ضوابط الرسوم يجب كذلك أن تتعامل مع المساحات والحدود المسموح فيها بفرض الرسوم والشوارع التي تقع عليها الأراضي. من الضوابط المطلوبة فترة السماح المعطاة لكل مالك جديد.وعدد تنقل الملكية  من مالك لأخر . وحتى لانسهب في هذه الجزئية والتي ليست هدف هذه المقالة  نختصر القول بأن الرسوم على الأراضي البيضاء يجب أن تقودها حزمة من الضوابط التي تحركها عوامل إقتصادية وإستثمارية وإجتماعية  وعمرانيه وليس مسطرة مالية فقط لاتميز بين السبت والخميس !!!!!!!!
نعود لموضوعنا وهو محاولة إيضاح أن الرسوم على الأراضي البيضاء فقط لن يؤدي إلى حل مشكلة الإسكان فالأمر أكثر تعقيدآ من ذلك.إن توفير المسكن يحتاج عوامل داعمة أهمها التمويل المالي الذي أصبح خارج قدرة كثير من المواطنين .لنأخذ مثالآ  متفائلآ ونقول أن فلان من الناس موظف(نحن  هنا نغفل البطالة وما أدراك مالبطالة) راتبه  8000 ريال سعودي ( ألم أذكر أنه مثال متفائل !!!!! ) وأن هذا الشخص  من النوعية النادرة التي تدخر وتوفر حيث يستطيع شهريآ أن  يخفي 3000 ريال عن نفسه وأهله. وإستمرارآ في التفاؤل نقول أنه  يملك أرضآ . إن هذا المواطن سوف يوفر سنويآ 36000 ريال .أي أنه يحتاج 10 سنوات ليوفر 360000 ريال والتي غالبآ لن تكفي لبناء مسكن وتجهيزه ليستقر فيه هو وعائلته. هذا المثال المتفائل البسيط يقودنا إلى أن عدم وجود سياسات حقيقية  لمعالجة الإسكان ومنها رسوم الأراضي  سوف تقودنا لنجد أنفسنا  في مكاننا لم نبارحه وأن الفرقعة الإعلامية  في تويتر والفيس بوك وأخواتها لم تساعد لا المواطن ولا متخذ القرار. طبعآ يضاف إلى ذلك مواضيع أخرى مثل توفر الخدمات والمرافق وأنظمة البلديات وتوفر العمالة وما أدراك مايعنيه توفر العمالة والتي أصبحت همآ أخر هي الأخرى.
إن من أخطر الأمور هو رفع حجم التوقعات  لدى الغير وجعلهم يعيشون نشوة مؤقته ثم بعد ذلك تظهر الحقيقة وتنجلي الغشاوة  فتكون ردة الفعل أسواء من قبل وتكون الصدمة  أكثر إيلامآ. وعليه فعلى كل وسائل الإعلام أن تكون واقعية في تحليل وفهم موضوع الرسوم على الأراضي وأن لاتقود المواطن إلى أن يصل إلى إستنتاجات غير صحيحة وغير واقعية . فمعالجة نقص الإسكان والعمل على توفيره عملية معقدة وطويلة وهي من مسئوليات راسمي السياسة الإقتصادية في الوطن .إن توفير الإسكان المناسب  يجب أن يكون ضمن منظومة متكاملة من السياسات والبرامج التي يتشارك فيها القطاع العام والخاص كل في ما يخصه .كذلك يجب أن نعي  أن المعالجات للإسكان  تتأثر بكثير من العوامل الداخلية والخارجية في قطاع الإسكان ودون فهمها ومعاجة الخلل في بعضها فلن نصل إلى الغاية المنشودة .أخيرآ دعونا نفرح  كمواطنين ونبارك للمسئولين على إتخاذ خطوة كبيرة لم تكن سهلة في السابق ألا وهي الإنتباه إلى أهمية  الأخذ بسياسة الرسوم كآلية لإدارة التنمية العمرانية والتي نسأل الله أن يتبعها سياسات وبرامج أخرى يؤدي تنفيذها لمعالجة  واحد من أهم سلبيات التنمية في بلدنا ألا وهي صعوبة الحصول على سكن خاص  مناسب لحياة كريمه.

وختامآ ندعو الله بأن يطيل عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والذي هلت في عهده بشائر الخير والإصلاح لمسارنا الإقتصادي والتنموي وأن  ويوفقه لما فيه خير الوطن والمواطن .والقادم أحلى وأجمل بإذن الله فالمثل يقول  "تفائلوا بالخير تجدوه "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق