السبت، 11 فبراير 2012

أولويات المواطن التنموية

المواطن العادي(وفي رواية الغلبان) لايهمه ولاتعنيه المصطلحات الكبيرة والرنانة التي نجبره على سماعها في كل حين (وبشكل شبه إجباري )عن الخطط الخمسية والدورة الإقتصادية وأسعار البترول ومعدل الفائدة وماشابه ذلك من مصطلحات يملها أحيانآ حتى المتخصصون.كل ماتحتويه جعبة الإقتصاديين والسياسيين هو بضاعة خاصة لهم يحق لهم إستخدامها في ألعابهم السحرية وعروضهم المسرحية.المواطن الغلبان(وفي رواية أخرى المغلوب على أمره)يبحث عن حقائق على الأرض وينشد أشياء محسوسة تمس حياته اليومية.فإذا لم يرى ذلك فإن كل كلام أخرهو من باب مضيعة الوقت وقد يكون كذلك من مضيعة المال العام.عندما يستيقظ الإنسان البسيط من نومه في أي قرية شمالية أوجنوبية أوفي أواسط صحراءنا الكبيرة فإنه يتطلع أول ما يتطلع إلى لقمة هنية تسد جوعه وجوع أبنائه وإلى شربة ماء يروي بها ظمائه وظمأ حلاله ومواشيه أو مزرعته الصغيرة التي يزرع فيها ما يمكن أن يحقق له حدآ أدنى من ألاكتفاء الذاتي.المواطن الذي يبدأ يومه بصلاته ودعاءه لولي الأمر لن يبحث عن وزير أو مدير يلعلع في الراديو ويبين أهمية دخول المملكة لمنظمة التجارة العالمية  أو نتائج إجتماعات دافوس.إنه-أي المواطن المطحون-يتمنى أن يسمع من الوزير في مقابلته المرتب لها أن يحدد له متى سوف توصل قريته إلى أقرب مدينة أو متى سيفتح مستوصفآ طبيآ لعلاج والده المريض بالسكر أو ثانوية تقيه السفر اليومي بإبناءه لمسافات طويلة حتى لا يحرمهم التعليم الذي يقولون له أنه السبيل لوقايتهم من الفقروخروجهم من حفرته التي يعيشون فيها منذ سنين طويلة .المواطن العادي يبحث عن خطبة جمعة تهديه وتعالج مشاكله في قريته بدلآ من أن يسمع عن برشنيا وكابل والشيشان.إنه يأمل من الخطيب أن يصلح بين صديقيه أبو سالم وأبو علي اللذين نزغهما الشيطان فلا يكلمان بعضهما بسبب نتائج مزاين الأبل. المواطن الحزين يريد أن يستمع إلى جرة ربابه وشاعرعرضة وسامرية او صوت بحري بدلآ من برنامج يستعرض فيه مقدمه ثقافته في الأحزاب الدينية التي إكتسحت الإنتخابات في الدول المحيطة فهو لايهمه إن حكم الإخوان أو السلفيون أو الجاميون لإنه لايعرف إلا حكومته التي يدعو لها صبح مساء.
هذه الأولويات التنموية للمواطن الغلبان وفي نفس الوقت صاحب العزة والكرامة والمحب لوطنه لايمكن تحقيقها إلا بوضع من يعرفها موقع المسئولية وإعطاءه الصلاحيات لتلبية مايريده ويأمله هذا المواطن.إنها أولويات تحتاج إلى مسئوول يمشي في الشارع مثل الناس ويركب سيارة عادية مثل كثير من المواطنين ويسكن بيت لاتتعدى مساحته تسع مائة متر مثل 90% من الشعب. هذه اللأولويات للمواطن عفيف النفس لايفهمها ولا يحققها من يقضي معظم يومه في إجتماعات مع خاصته من المسئوولين أو في سفريات لاتنتهي لحضور المؤتمرات وزيارة الدول ذات الحياة الترفيهية المتطورة.هذه اللأولويات يحققها من يعرف كل قرية وكل تجمع سكاني ويعي ظروفهم وموروثهم الإجتماعي والإنساني .أولويات يحققها المسئوول الذي لايكون أهم مرافقيه في زياراته هو مسئوول ملابسه .إنها أولويات سهل تحقيقها ومضمونٌ نتائج العمل فيها متى ما أعدنا لموقع المسئوولية مهابته التي يستشعرها من يكلف بها. دون تحقيق ذلك فسوف تبقى أولويات المواطن التنموية وأحلامه المستقبلية وطموحه في حياة كريمة سراب يعتقد أنه ماء وكلما سار نحوه أبتعد عنه هذا السراب.إنه سراب الصحراء الذي قد يقود مطارده إلى الضياع في الصحراء ثم الموت عطشآ.
إن هذه اللأولويات يمكن تحقيقها أو على الأقل أكثرها بإعادة النظر في دور ومسئولية المسئوولين وطريقة إختيارهم.ويسرنا في نهاية هذا المقال المختصر عن أولويات المواطن أن نقترح ونؤيد ماطرح من الأخرين  بأهمية مايلي:
1-إختيار وزراء يأتون من معترك الحياة اليومية للمواطن ويعودون لها عند ترك المنصب.وبالتالي فأن الفرصة متاحة لكل مجتهد وكفؤ بصرف النظر عن مكان إقامته.فما أجمل وما أنفع أن تسمع بتوزير فلان الذي مازال يعيش في كنف مدينته الصغيرة والتي سيعود لها بعد فترة زمنية محدودة.
2-اللإلتزام بمبدأ الأربع سنوات للقيادات في مواقعها وأن المنصب تكليف وليس تشريف وبالتالي خلق مبدأ التنافس على النجاح وتعزيز النظرة إلى أن المهمة الوزارية هي واجب وطني وليس فرصة للدخول في منظومة طبقة إجتماعية أخرى.
3-ضرورة توزيع الميزانية مكانيآ وليس قطاعيآ فقط .فلم يعد واقع التنمية في مناطق المملكة يستحمل هذه المركزية الشديدة وتفضيل تنمية القطاعات الإقتصادية على حساب الإنسان والمكان البعيدين عن العين وعن "القلب أحيانا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق