الأحد، 5 فبراير 2012

خطوة أبكر(one step ahead) والأسلوب السعودي

تعتبر إستراتيجية سبق الأخرين بخطوة نموذجآ ناجحآ يمكن من يقوم به من الحصول على فرصة جني الأرباح قبل الأخرين.ويقول المثل الشعبي "من سبق لبق".هذه الفلسفة أمر محمود لاغبار عليها عندما توظف بطريقة شريفة تعتمد على إستشراف المستقبل ودراسة الإحتمالات وتحليل المعلومات والواقع .وفي سبيل ذلك تنفق الشركات  والمؤسسات ورجال الأعمال وحتى الأفراد العاديين الكثير من المال والجهد رغبة في تحقيق الأولوية والوصول إلى "النبع" قبل الأخرين.إلاأن هذه الفلسفة العملية تم إستخدامها عندنا حسب خصوصيتنا المباركة.لقد أخذنا العنوان وحرفنا بالمتن بحيث أصبحت الممارسة تقوم على خلق الدوائر والحلقات التي لها القدرة على معرفة  مايدور ومن ثم إستباق ما سوف يصدر من قرارات وتهيئة أنفسهم وإقربائهم وأعوانهم للإستفادة القصوى .وعند مايدرك الأخرون هذه المستجدات تكون الطيور قد طارت بإرزاقها وحصلوا هم على الحد الأعلى من المنفعة.وعندها أما أن يتركوا الجمل بما حمل للأخرين أو يستمروا بمشاركتهم ومزاحمتهم على بقية الكيكة.هذه إستراتيجة واضحة وممارسة منذ سنوات عديدة ولكن لم تتوفر اللآليات لكشفها ومحاسبة الممارسين لها.وبوجود هيئة مكافحة الفساد فإن الفرصة مهيئة أمامها للجم هذه الجريمة التنموية ولمحاسبة أعداء العدالة الإجتماعية.
قد يقول قائل أن هذا الطرح يفتقد إلى الحقيقة أو التوثيق وأنا أوافقهم جزئيآ لإن الجريمة دائمآ من شروطها الغموض وإخفاء الأدلة وهنا يبرز دور الجهات العدلية وأجهزة الأمن في التنقيب عن الأدلة وكشف غموض الجرائم.ولكن دعونا نقدم أمثلة تدعم طرحنا في وجود من يستغل موقعه في معرفة ما يصدر من قرارات وكذلك بتكييف هذه القرارات للمصلحة الخاصة وليس المصلحة العامه.يقولون أن الشواهد التاريخية هي أصدق الدلائل فالتلريخ لايكذب كما أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه .من الأمور التي عاشها جيل التسعينات الهجرية نجد أن بداية قروض صندوق التنمية العقارية كانت حوالي ستمائة ألف ريال حيث يحق للمواطن دمج قرضين معآ على قطعة أرض واحدة وهو ما قام به علية القوم اللذين كانوا يمتلكون الأراضي والمعلومة عن إطلاق البنك في ذلك الوقت فتمكنوا من قطف زهرة القروض العقارية. وعندما صحى القوم(العامة أو الدهماء أو ما يطلق عليهم من قبل المتنفذين:عوير وصوير)إنتفضت الجهات المعنية وعدلت القوانين وأصبحت المصلحة العامة والمال العام خط أحمر فألغيت الميزة أعلاه وقيل يكفي المواطن ثلاث مائة ألف ريال ولا يجوز دمج قرضين حتى لو كان والد وأبنه.مثال أخر لممارسة خطوة أبكرهو إعانات القمح ففي بداية الأمر كان سعر الكيلو ثلاث ريالات ونصف وكان المستفيد هم علية القوم(دعك من الممارسات الأخرى مثل جلب قمح من خارج المملكة) وكلما زاد عدد مشاركة الدهماء كلما نقص الدعم حيث تناقص إلى ثلاثة ريالات ثم ريالين ونصف وهكذا الأمر.القروض الصناعية من كان المستفيد الأكبر منها؟ سوق الأسهم من إستولى على مدخرات الغلابى ومارس اللعبة؟ إنها نفس الحكاية تتكرر دائمآ: وجود مجموعة تتوفر لها الفرصة والتمكين ليقوموا بخطوة أبكر(one step ahead). هذه الأمثلة هدفها إيضاح الممارسة وليس رصد كافة الممارسات وإلا فإن في عقود المشاريع وإنشاء الشركات وتصنيفها والحصول على القروض من البنوك الشيء الكثير الذي ليس من مسؤوليتي تقديمه ولكن من واجبي كمواطن محب لبلده ومؤمن بأهمية التنمية العادلة والمستدامة أن ألفت الأنظار له. 
إن من يريد محاربة الفساد وتصحيح المسار عليه أن يغوص في أعماق هذه الممارسة عندنا ويبحث عن مكوناتها وخفاياها واللاعبون الأساسيون والإحتياطيون فيها. ففي ذلك خير كثير وأسماك كبيرة قد يكون بعضها من نوع سمك القرش الفتاك.
 إن المملكة تمر حاليآ بفرصة تاريخية لتحقيق تنمية ونمو إقتصادي يجعلها قادرة على حجز موقع دائم في قائمة الدول الناهضة والمهيئة للسيطرة في بقية هذا القرن.ولكن ذلك يتطلب أشياء كثيرة لعل من أهمها ما دعينا له في هذا المقال من محاربة مشوهي فلسفة "خطوة أبكر".نحن نحتاج إلى شفافية عالية في خططنا وبرامجنا وميزانياتنا وحتى في إختيار قيادات مؤسساتنافي القطاعين العام والخاص.فهل نفعل؟ نرجو ونأمل أن نبدأ الأن وليس غدآ  فقد حفظنا منذ كنا أطفالآ في المدارس أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق