الخميس، 23 فبراير 2012

الرياضة الأفقية هي الحل


الرياضة الأفقية هي الحل

الرياضة الأفقية مصطلح ورد في حديث سمعته  في أحدى القنوات الفضائية السعودية قبل مدة و لم أهتم به كثيرا في ذلك الوقت. و عندما رأيت أهميته و الكتابة عنه لم أستطع تذكر قائله و أي قناة ورد فيها . حقوقهما الأدبية تستدعي الإشارة لهما في بداية المقال ولو كان بشكل غير عادل ولكن الجود من الموجود مع الإعتذار للقائل وللقناة.والرياضة الأفقية بكل إختصار هومصطلح يعني أن نوفر المنشاءات الرياضية للجميع وبالتالي يمارس الجميع مايرغبونه من أنواع الرياضه.
مقالنا هذا عن الرياضة الأفقية أستدعاه خيبة الأمل الجديدة التي قدمها لنا منتخبنا الأولمبي الذي خسر يوم الأربعاء الماضي أمام قطر ليفقد أمل الوصول إلى اولمبياد لندن 2012.والحقيقة أن ماحدث للمنتخب الأولمبي ليس إستثناء بل هو إستكمال لمسيرة الإخفاقات لكرة القدم السعودية في السنوات الماضية بعد أن كانت متسيدة لدول قارة آسيا ووصلت لكأس العالم عام1994.
وبصرف النظر عن ما سيحدث للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم في مباراته القادمة أمام أستراليا فإن ذلك لايقلل من ضرورة الكتابة عن الرياضة السعودية في هذا الوقت ليس من منطلق الخسارة أو الربح لمباراة أو ردة فعل متسرعة ولكن من منطلق تنموي يحتم الفهم السليم لمباديء ومتطلبات التنمية الشاملة الذي تمثل الرياضة أحد أهم مكوناتها.
 الكل يعلم أن الرياضة بكافة أنواعها وفي جميع دول العالم تمثل ركيزة أساسية تضخ فيها الأموال لما لها من قيمة صحية و أمنية و أخلاقية و إقتصادية. فلم يعد أمر الرياضة شأن ترفيهي فقط يقبل عليها فئات محددة من المجتمع يرون في متابعتها وسيلة لقضاء الوقت الزائد عن مايصرفونه في العمل والإنتاج.هذه النظرة المتفشية عند الكثيرين— ومنهم بعض مسؤولي الرياضة—هي ما أوجد هذا الجمود والتراجع في مسيرتنا الرياضية.لقد هيمن خلال السنوات الماضية فكر ومبدأ الرياضة الرأسية والإهتمام بالمنتخبات وبالتالي إنصب الدعم المادي والمعنوي على عدد من الأندية التي يرى مسيروا الرياضة السعودية أنها هي مناجم الذهب لإمداد المنتخبات بالاعبين ونسوا أن هناك المئات من الأندية التي يمكن أن تقدم الكثير لو وجد من يعطيها حقوقها التي كفلتها لها خطط التنمية السعودية المتعاقبة وما يتبعها من أموال كثيرة ترصدها الحكومة لبناء الشباب.لقد توقف  فتح أندية جديدة في كثير من مدن وقرى المملكة ووقفت الأعداد عند أرقام يندر تغيرها على مرور السنوات أو كان ذلك يسير ببطء كسير السلحفاة.أما الأندية الشبابية في الأحياء فهي كالعنقاء يسمع بها ولاترى .هذا الواقع المحزن هونتيجة لفهم وممارسة القيادات الرياضية التي لم تضع نشر الرياضة والأخذ بمبدأ الرياضة الأفقية نصب أعينها وإعتقدت أن فلسفة الرياضة الرأسية فقط قادرة على وضع الرياضة السعودية على قائمة الشرف العالمية.وقد تكون النتائج الجيدة التي تحققت في أواسط الثمانينات والتسعينات خلقت نوعآ من الإسترخاء وعدم تغيير السياسات والأهداف بما يتوافق مع معطيات التغير الزماني والمكاني والتي كان من أقلها زيادة أعداد السكان وتوسع وتطور كثير من القرى حتى أصبحت مدنآ تحتوي ألاف الشباب الذين كان لابد من إستثمارهم وإدخالهم في منظومة التنمية الرياضية المستهدفة والمنشودة.حتى المدن الكبيرة والمعروفة مثل الرياض وجدة والدمام ومكة والخبر والمدينة بقي عدد أنديتها كما كان عندما كان سكانها بالألاف وهي اليوم تحتوي الملايين وكأن الجيل السابق أكثر تعاملآ مع وضع معايير علمية للحجم الأمثل لعدد المخدومين بالخدمة من هذا الجيل الذي قد يكون نسي أو تجاهل المبدأ الأساسي لإنشاء الأندية وربطها بحجم السكان وضرورة الإنتشار الأفقي على رقعة المملكة.
إن الفهم والتحليل السابق للرياضة الأفقية لايكتمل إلا بالإشارة الى بعدآ أخر في الرياضة السعودية تم تجاهله وعدم الإكتراث بما يواجهه من صعوبات وعقبات.إن ذلك هو تنوع وأنواع الرياضة الممارسة.لقد هيمنت كرة القدم وزاد زحفها على نصيب الرياضات الأخرى مثل السلة والطائرة والسباحة واليد وبقية أنواع الرياضات المعروفة عالميآ والتي كنا نجدها ملء السمع والنظر في المملكة في فترات سابقة.لقد وصل التجاهل والإهمال إلى قيام بعض الأندية بإلغاء ألعاب أوجدها المجتمع عندما كان أقل إمكانيات وأقل خبراء رياضة يتقاضون الأموال الطائله. أنه دليل أخر على الخلل الحاصل في منظومتنا الرياضية وشطب مفهوم الرياضة الأفقية من إستراتيجيتنا الرياضية.لقد أصبحت ملاعب الرياضات المختلفة تشتكي الفراغ والحضور الجماهيري وكذلك القيادي الرياضي.لقد أصبح عدد عمال النظافة في الصالات في أحيان كثيرة أكبر من عدد الجماهير الحاضرة.إنه واقع أنتجه فكروفهم خاطيء لدور الرياضة. وإصرار على أن كرة القدم هي كل الرياضة ودعم ذلك الإصرار بالمال والإعلام وإجراء غسيل مخ بحيث أصبح الجميع لايرى إلا ما تراه القيادات الرياضية المنحازة لكرة القدم .وليت ذلك كان لنشر ممارسة الكرة للجميع ولكن كان هذا التوجه والدعم منتقى مما أوصل حال الرياضة السعودية إلى هذا الحال.
لقد أصبحت هذه القارة- المملكة- بملايين سكانها أقل قدرة على إخراج وصنع نجوم رياضيين في المحافل الدولية من دول لايتعدى سكانها سكان حي أو على الأكثر مدينة سعودية مماجعل الرياضة السعودية تحتل المركز الأخير في أخر بطولتين تمت المشاركة فيهما في كل من البحرين وقطرعلى التوالي. فهل هذا معقول أو مقبول؟ أعتقد أن الإجابة البديهية هي لا كبيرة سواء من المواطن أو من المسؤول.
إن تصحيح الأمر ووضع الرياضة السعودية على الطريق الصحيح لايتم بتبادل التهم أو محاسبة أفراد معينين.ولكن التصحيح هو بالعودة إلى الجذور وإستيعاب أهمية الرياضة من منظور تنموي شمولي يخدم المجتمع ويضيف له قيمة مضافة في جوانب عدة.إن الإصلاح يحتاج أن نعامل الرياضة وإنتشارها وإيصالها لكافة فئات المجتمع و لكافة نواحي المملكة مثل ما نعمل مع الخدمة التعليمية أو الصحية أو الأمنية.إن النهضة الرياضية تحقق عندما نجد الأندية الشبابية في كل الأحياء والقرى والمدن ترعاها رعاية الشباب كما هو أسمها.عند ما نأخذ بذلك ونطبقه بشكل سليم فإن النتائج الرياضية وفي كافة الألعاب سوف تأتي تباعآ فنحن نملك الموارد البشرية والمالية القادرة على ذلك.وبالله الإستعانة والتوفيق.

        ماذا لو؟
ماذا لو تم إنشاء وزارة للرياضة والشباب وفصلت الإتحادات الرياضية عنها ماليآ وتنظيميآ وبالتالي أصبحت على مسافة واحدة من كافة الألعاب وقدمت الدعم العادل ليس لنوع معين ولكن لشباب الوطن ليمارسوا ويتمتعوا بالرياضة.