الجمعة، 30 مارس 2012

الإنتحار والإندحار وشباب الوطن

يمثل الإنتحار قمة المأساة الإنسانية للفرد والمجتمع.ويمثل الإندحار قمة الهزيمة والهروب في معارك الحياة.وهذين السلوكين هما نتاج ظروف ومعطيات متنوعة منها ماهوذاتي ومنها ماهو نتاج عوامل وظروف خارجية تجعل من مقاومتها أمرآ صعبآ.وخلال الفترة الماضية شهد مجتمعنا ظاهرة خطيرة تتمثل في إقدام بعض الشباب على الإنتحار هروبآ من مواجهة ومقاومة الظروف الحياتية وضعفآ أمام قسوة الظروف والأشخاص والأنظمة الجامدة.ومما يدلل على وجود و زيادة هذه الظاهرة ووصولها إلى أرقام مستغربة في مجتمع مسلم يحرم الإنتحارهو تناولها من وسائل الإعلام وتسليط  الضوء عليها ودقه لناقوس الخطر أمام متخذي القرار وموجهي الفكر وعلماء الوطن.
ومع أن مسببات الإنتحار عديدة  إلا أن ما يهمنا ويلزمنا بحثه هو ما يتعلق بالجانب الإقتصادي والتنموي والذي هو محور وغاية هذه المدونة.إن قطبي معادلة الإنتحار والإندحار موجودة في أحد أهم مكونات نظرية الإقتصاد ألا وهو سوق العمل وما يرتبط ويحيط به من عوامل ديناميكية وستاتيكية تحتاج إلى تفكيك يفرغها من عوامل الخلل التي عشعشت فيها وأفقدتها النكهة الوطنية.إن سبب الإنتحار في رأيي هو الإندحار الذي وقع في براثنه شبابنا أمام مافيا العمالة الوافدة وأنصارها من المنتفعين اللذين لم يكتفوا بأكل الجزء الأكبر من كيكة الإقتصاد بل أصبح محاربة الشباب السعودي والتضييق عليه وطرده من تنافسية سوق العمل هو أحد متعهم .إنه إندحار في معركة البقاء لم نصمد فيها وبالتالي هرب أكثرنا فكان الإندحار هو الخطوة الأولى نحو إنتحار البعض وكأن الإندحار هو الشرط الأساسي للإقدام على الإنتحار.وهنا أرجو أن لايفهم من الطرح السابق أنني أضع اللوم على من إنتحر واللذي لم تمكنه قدراته الذاتية على الصمود ولكنني أضع كل اللوم على مؤسسات كثيرة تعج بألالاف الموظفين اللذين يستنزفون البلايين من الريالات شهريآ كرواتب وتوابعها من أجل إدارة الإقتصاد وتوفير فرص العمل لإبناء الوطن ولكنهم مشغولون بالإجتماعات وتشكيل اللجان وإجراء الدراسات بينما شبابنا يئنون من البطالة والحاجة.إنني أتسأل كيف سيقابلون ربهم يوم القيامة ؟وكيف يقدمون تقاريرهم للقيادة التي وضعت فيهم الثقة؟هل حالات الإنتحار المتكررة تثير فيهم نوازع الخير وتحرك لديهم بقايا الإحساس بالمسئولية؟أم أن القوم مشغولون ولبناء مستقبلهم ومستقبل أولادهم يتسابقون؟
إن معالجة ظاهرة الإنتحار تحتاج إلى إيقاف حالة الإندحار التي نعيشها أمام الوافدين.إنها معركة حقيقية يمكن أن ننتصر فيها إنطلاقآ من تحليل مبررات الإندحار ومعالجة نقاط الضعف.نحتاج أن نعقد العزم بشكل صادق وبقرار جريء لا يجامل أو يهادن .إن الإندحار الذي نعيشه لا يمكن أن نوقفه بالأماني أو باللجان والألوان وإنما بتقوية قدراتنا والوقوف صف واحد في وجه معركة الإندحار التي نعيشها.إن عدم إقدامنا لوقف الإندحار يعني بكل بساطة زيادة الإنتحارفي مجتمعنا.وهنا أرجو من كل قاريء لهذا المقال أن لا يلجأ للهروب من الحقيقة والتخفي خلف مقولات أن الإنتحار حرام أو أن ذلك ليس بظاهرة وغير ذلك من بنادولات صيدليات المزيفين.نحن أمام ظاهرة لم يعد بالإمكان إنكارها بصرف النظر عن موقف كل واحد منها أو من أسبابها.إنني على قناعة من وجود إرتباط مباشر وكبير بين الإنتحار والإندحار الذي تناوله المقال وعلاج ذلك ليس في يدي من يمارسون"أبن الجدار هد الجدار" وإنما الحل موجود في قرار صارم غير متردد وينفذ بشكل فوري بإنقاص العمالة الوافدة شهريآ وبنسب ثابتة .إن مثل هذا القرار يجب أن ينطلق دون الإلتفات لإصحاب دموع التماسيح اوبلادة وإستهتار بعض البيروقراطيين اللذين يموتون ويحييون بكثرة اللجان والدراسات والتقارير.
اللهم لاترنا حالة إنتحار أخرى وأن تعيننا على وقف حالة الإندحار التي نواجهها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق