الأربعاء، 15 أغسطس 2012

هُدمت الانفاق و خرست الألسن والاقلام


هُدمت الانفاق و خرست الألسن والاقلام
تمر المنطقة العربية بحالة أقل ما توصف به بأنها حالة كوميديا سوداء مظهرها الضحك و باطنها البكاء. لقد سقطت كل المفاهيم و اختلطت الاوراق و اصبح الأبيض أسوداً و الأسود أبيضا. إننا نمر بمرحلة لم يعد الإنسان فيها يعرف الحق من الباطل و الصادق من الكاذب و المؤمن من المنافق . لقد سقطت كل النظريات السياسية و فشل كل المحللين السياسيين في فهم ما يدور و من هم أبطال المسرحية المعروضة و من هو مخرجها. و إذا كانت وجوه أبطال المسرحية معروفة من ناحية الشكل فإن المخرج هو رجل غامض و بمعنى آخر هو رجل خفي نسمع عنه و لا نراه. ولعل السنوات القادمة تكشف  و تفسر ما يحصل و الذي يشبه في مظاهره العامة ما حصل في اتفاقية سايكس بيكو التي خدعتنا و شرذمتنا ولم نعرف تفاصيلها أو خيوطها إلا بعد مرور عشرات السنين إننا أما استبدال أسم سايكس و أسم بيكو بإسمين أخريين يتصفان بنفس صفاتهما من الكذب و الخداع و الإجرام. إن أحداث و تغيرات المنطقة تثير الريبة والحزن و الخوف. فالثوابت سقطت و المبادئ بُلعت و الشعوب المغلوب على أمرها أُسُكتت و أصبحت أمام دكتاتوريات حديثة مغلفة بسلوفان شفاف أسمه الديمقراطية.
و مع أن الحق و الحقيقة سوف تظهر يوماُ ما حول ما دار و ما يُدار إلا أن المحزن أننا نشاهد استباحة وقحة للمبادئ و الاخلاق و استغلال شنيع للدين كوسيلة للضحك على البسطاء.
و لعل خير مثال يعكس ما سبق و يُوضح مكوناته هو ما حصل من هدم للأنفاق الفلسطينية من قبل السلطات المصرية الجديدة.
إنه مثال صارخ للتلون و الانتهازية . فقد كان في السابق أي مساس بالأخوة الفلسطينيين جريمة لا تغتفر و فرصة للتأليب و إثارة الجموع . بل أن ذلك كان أحد أهم وسائل الضغط على القيادة السياسية السابقة و وصفها بالخيانة والعمالة. لقد كان موضوع الفلسطينيين وسيلة إعلامية و سياسية تمارسها التنظيمات السياسية المعارضة في مصر و خاصة الأخوان و يجد ذلك تأييداً و تطبيلً من الأبواق المنتمية لهم و المنتشرة في الدول العربية الآخرى و كانوا يرفعون شعار فلسطين و الفلسطينيين خط احمر لا مساومة حوله.
ولكن عندما قامت حكومة الاخوان بهدم الانفاق متجاهلة معاناة الفلسطينيين و متجاهلة شهر رمضان الذي كان يجب أن يكون شهر رحمة وعطف و جدنا أن فروعهم في الدول الآخرى لم تقتصر على السكوت عن إبداء الحق بل أنها تحاول أن تبرر هذه الجريمة و تفذ لك المبررات . ولولا بعض الحياء لقالوا أنها خطوة مباركة تحفها آيات الفضل و الأجر و الحسنات فما يصدر من الأولياء في رأيهم لابد أن يكون مباركاً.
تخيل أخي القارئ لو أن هدم أنفاق الفلسطينيين و محاصرتهم تمت على أيدي أي تنظيم سياسي غير الأخوان المسلمين و كيف ستكون ردة فعلهم و بإي أوصاف أو كلمات سوف يوصف من قام بذلك؟
و مع أن الاسترسال في تحليل ما حصل ممكناُ و مجاله رحب لكل ذي عقل إلا أننا نختصر الحقيقة و نعود إلى بداية المقال و نقول إنها سايكس بيكو جديدة و بلاعبين و أطراف جدد نسأل الله جل جلاله في هذا الشهر الكريم و في هذه العشر الأواخر أن يحمينا و يحمي وطننا و أن يلهم كل فرد منا بإن يشغل عقله و يفتح عينه لما قد يحاك ضدنا و إن كان ذلك عن طريق بعض إخواننا و أبنائنا اللذين اختاروا المرشد على الوطن.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق