الاثنين، 24 ديسمبر 2012

التنمية "الخنفشاريه"

يفرض الواقع أحيانآ نفسه ويقف أمام المنطق والعقل والعلم ومن ذلك عنوان مقالة اليوم الذي جمع ضدين هما مصطلح التنمية ومصطلح الخنفشارية بمعناه الشعبي .كلنا يعرف أن تحقيق التنمية هو نتيجة جهد فكري وممارسة عملية للكثير من الأفعال التي تؤدي إلى تغيير حقيقي في حياة المجتمع وتحسين مستوى معيشته.أما المصطلح الشعبي للخنفشارية فهو تعبير عن الفوضى والسلبية والظواهر الغير مقبولة.ولذا فإن المنطق لا يقبل وجود تنمية خنفشارية. إلا أن شواهد الحال وتقييم ماعلى الأرض يؤكد أننا وبما لنا من خصوصية نجحنا في وضع مصطلح التنمية الخنفشارية في قاموس اللغة وكتب التنمية.
إن مظاهر التنمية الخنفشارية يمكن رصده في كثير من زوايا الوطن وكتابات الكتاب ومعاناة الكثير من المواطنين. إن وجود مئيات الألوف من موظفي القطاع العام وفي نفس الوقت تراكم قضايا المواطنين وإنفاقهم الأشهر والسنوات من عمرهم من أجل أن حسم قضية أو إنهاء إجراء روتيني هو نموذج بإمتياز لتنميتنا الخنفشارية. إن وجود مئيات الألوف من العمالة الوافدة والألوف من أبناء الوطن العاطلين هو نموذج ومثال للتنمية الخنفشارية.إالتنمية الخنفشارية هي في وجود مئيات المليارات من الدولارات تستثمر في دول العالم بينما معظم مناطق المملكة تمتلك الموارد والثروات التي تأمل أن يبادر المستثمرون إلى تحويلها إلى منتجات تفيد الجميع من مستثمرين ومواطنين وتحول تلك المناطق إلى أماكن عمل بدلآ من واقعها الحالي وهوأماكن سكن فقط.
إن الميزانيات المليارية لوزارة الصحة والمواطن لا يجد العلاج لإلامه وأسقامه هو تنمية خنفشارية كما هو حال وجود مستشفيات ضخمة يصنف فيها المرضى إلى درجات (ممتاز ودرجة أولى ودرجة ثانية )كما هو حال ملاعب الكره هوخلل تنموي لايمكن إلا أن يوصف بالتنمية الخنفشارية.وهذا المثال لايقتصر على الصحة بل يشمل الكثير من الوزارات التي تشبه القربه المشقوقه فالدولة تصب فيها المليارات ولكنها تضيعه في أراض قاحلة على رأسها بند الرواتب والإنتدابات والمكافأت .
التنمية الخنفشارية هي ما نمارسه من بذل الجهد وتمزيق الخطابات وإعادة نسخها لإننا غلطنا وخاطبنا المسئول بكلمة معالي بينما كان يجب أن نكتب  صاحب المعالي فالفرق كبير بينهما في عصر التنمية الخنفشاريه.
التنمية الخنفشارية هي من أوجدت جيلآ يتصارع في المجالس والإعلام الإجتماعي بين مؤيد ومعارض لحكم الإخوان في مصر وكأن لاهم لنا إلاذلك وكأن هموم وسلامة وطننا (البعض لايعترف بمصطلح الوطن) هي في أخر القائمة.
إن مصطلح التنمية الخنفشارية يمكن مشاهدته في مدنآ وبيوتنا الحديثة عمرانيآ وعمائرنا الشاهقة المكسية بالزجاج ولكننا  نضطر إلى جلب صهاريج الماء وصهاريج الصرف الصحي لهاوكأننا في العصور الوسطى.
تنميتنا الخنفشارية هي التي جعلتنا نسلم أبنائنا وبناتنا للسائقين من منطلق مجبر أخاك لابطل لإننا لم نوفر نقلآ عامآ محترمآمثل بقية المجتمعات. وهي نفس التنمية التي جعلت أحد الأجهزة المسئولة عن الإنضباط الأخلاقي تقول أن عدد مضبوطياتها في أحد السنوات يفوق عدد سكان المكان الذي تعمل فيه(وهو على فكره بمئات الألوف).
التنمية الخنفشارية يمكن ملاحظتها في غياب الشفافية وضبابية الأرقام التي تهم الإقتصاد ومع ذلك يمارس المسؤولون عنها فوقية غريبة في إظهارها للمجتمع وأثناء المؤتمرات والندوات وكأن ذلك حق شرعي لهم وللنخب التي تدور في فلكهم فقط حتى وصل الحال في متخصصينا في الجامعات أن يكون دورهم هو إلقاء الدروس وليس قيادة التنمية وتوجييها عن الطريق البحوث والدراسات.إلقد أدى هذا النموذج من التنمية الخنفشارية إلى أن نضع كما يقال العربة قبل الحصان.إن التنمية الخنفشارية هي ما نشاهده من عدم وجود أسماء كبيرة من علمائنا في الإقتصاد والإدارة تقود التنمية مثل ماكان د.محسون جلال ود.غازي القصيبي ود.محمد الطويل د. محمد عبده يماني وغيرهم والتي جمعت بين التأثير العلمي والعملي.إن التنمية الخنفشارية هي مانراه من إنفصال بين الجامعات وفعل التنمية على أرض الواقع.
إن شواهد التنمية الخنفشارية كثيرة ومتعددة وأنا على ثقة أن كل قاريء لهذه المقالة لديه من الشواهد والأمثلة ما يتصاغر أمامه ما أوردته من أمثلة  ولكن ما أمله أن نصل إلى الفكرة وأن نعيد ترتيب الأوراق وأن نعمل على حذف كلمة "الخنفشاريه" من مصطلح التنمية .هذا ممكن وسهل تحقيقه بتضافر الجهود وإعادة ترتيب الأولويات وصياغة فكر إستراتيجي جديد فهل نعمل على ذلك الأن قبل فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق