الاثنين، 27 يوليو 2015

أمالنا في مجلس الإقتصاد والتنميه (4)

        عالجوا القلب فيشفى الجسد
الدول تماثل جسد الإنسان حيث يتعرض للأمراض والأوجاع .وعنما يمرض الإنسان فإنه يلجأ للطبيب الماهر والقادر على تشخيص المرض وصرف العلاج اللازم وإلا تفاقم مرضه وزاد سقمه.عالم الإجتماع الكبير إبن خلدون هو أول من فهم وإستوعب حقيقة أن الدول معرضة للأمراض مثلها مثل الإنسان العادي ووضع على ضوء ذلك نظرية عظيمة لا زالت حتى اليوم من أهم ركائز علم الإجتماع السياسي.
إن تعرض الإنسان والأوطان للأمراض ليس عيبآ ولا جريمة فذلك طبيعة خلق الله للكون ولكن العيب والنقيصة عندما يذهب المريض للمشعوذ والدجال بدلآ من الذهاب للطبيب الإخصائي فيضيع جهده وماله دون فائدة تذكر بل قد يسبب هذا الجاهل والمشعوذ عاهات بسوء تشخيصه ورداءة علاجه.
وإذا نظرنا إلى بلدنا فإننا نجافي الحقيقة ونكذب على أنفسنا إذا قلنا أنها لاتمرض أو لايوجد عندها بعض  الأمراض حاليآ فنحن لانعيش مفهوم "المدينة الفاضلة" الواردة في الإرث التاريخي للحضارة اليونانية القديمه .دولتنا مثل غيرها من الدول فيها الإيجابي وفيها السلبي وهي تمرض وتشفى مثل غيرها. . ولعل ما يصدر كل فترة زمنية من تعديلات إدارية أو قرارات تطويرية ماهي إلا وصفات علاجية تم تحديدها على أيدي "أطباء متخصصين" في مواقع الحكم وإتخاذ القرار.هذه الوصفات منها ماهو ترياق لمرض معين ومنها ماهو فيتامينات لزيادة الطاقة وبث النشاط والحيوية ومنها ماهو مسكن ألم مؤقت لعارض صحي يحتاج جهودآ أكبر لتشخيصه أوإنتظار موعد لإجراء عملية ضروريه.
وكمواطن يراقب ويهتم بمسار البلد التنموي يمكنني أن أقول أن هذا المسار يعاني من عدد من الأمراض والأعراض التي تشغلني وأرى طرحها أمام الجميع لعل الله ينجينا منها ونجد العلاج المناسب لها ومنها :

1- تدني معدل الإنتاجية بصفة عامة لدى الموظفين مقارنة بعدد ساعات العمل الرسميه.
2-تزايد القلق الإجتماعي خلال السنوات الأخيره ومايتبعه من مشاكل أقلها إرتفاع نسبة الطلاق وتنوع أشكال الجريمة وبشاعتها وتزايد أعداد المهمشين.
3-الإعتماد المتزايد على الوافدين في إدارة أعمالنا وحتى بيوتنا الخاصه مع إحتمالية وجود مافيا أجنبية خفية تهيمن على سوق العمل تديره حسب مصالحها.
4-ظهور مايعرف بالجريمة العائلية (داخل البيت الواحد) بشكل بدأ يخلق صدمة للأسر ويفكك نسيجها.
5- إرتفاع معدل الإعالة في المجتمع السعودي.

هذه الأمراض لايمكن تركها تتطور وتزداد أو أن تعالج بالمسكنات وإنما يجب أن نتعمق بدراستها والوصول إلى جذور وجودها .ومما لاشك فيه أن لكل نظرته وقناعاته إلا إنه في رأيي  أن  أحد أهم أسباب وجود الأمراض والسلبيات السابقة هو إهمالنا للسببب الرئيسي لوجودها وهو تهميش المرأة  وتحجيم  دورها سواء في محيط الأسرة أو في تنمية المجتمع . منذ فترة طويلة ونحن نحاول أن نعالج الأمراض الظاهرة الهامشية ولكننا نهمل ونتجاهل  معالجة قلب المريض( وهوهنا المجتمع) وبالتالي نهدر الوقت والمال دون نتيجة حقيقية تعيد العافية للمريض وتبث في شرايينه دماء نقية صحيحه .
إن إهمالنا كمجتمع لأهمية المرأة في التنمية وتمكينها لأخذ دور مسئول وأساسي جعلنا ندور في حلقة مفرغة كان من نتيجتها هذه الظواهر السلبية المقلقة لكل من هو معني بنمو وتطور مجتمعنا.لقد وصل الأمر وبكل أسف أن واقع المرأة في مجتمعنا أصبح عبئآ بدلآ من أن يكون شريكآ لدور الرجل في إدارة حياتنا. فهي عبء على الإقتصاد بإرتفاع نسبة البطالة بين النساء . وهي عبء في حركتها ومسيرتها. وهي عبء لمنظومة الأمن إن خرجت من بيتها أو سارت في شارع أو دخلت سوق تجاري ..... إلخ. ومن تعمل منهن أو تدرس فهي معضلة في تنقلاتها.
لو راجعنا النقاط الست التي وردت في هذه المقالة(على سبيل المثال) لوجدنا وبدون عناء أن معالجة قلب المجتمع المريض(وهو هنا المرأة وتمكينها) قادر على معالجة الأمراض المصاحبة من تفكك إجتماعي و خلل إقتصادي.فمن يعلق الجرس ؟ ومن يتجراء بإجراء عملية قلب مفتوح؟
سنوات طويلة ونحن نرسم الخطط وننفق المليارات لتنمية  المجتمع ومع ذلك نجد أن الركائز الأساسية المستهدفه لتنمية وتطور المجتمع تعاني خللآ جوهريآ بسبب تعامينا بكل أسف عن العامل الأساسي القادر على تحقيق قفزات حقيقية في مشروعنا التنوي.لقد بالغنا في تهميش دور المرأة الإقتصادي والإجتماعي والثقافي حتى وصلنا إلى حالة من الإرتباك في الخروج من هذا المأزق. بل وصل الأمر أن محاولة بعض النساء لكسر هذا الحاجز الورقي والوهمي يجد من يقف أمامه دون وعي حقيقي ودون تقديم بدائل لأنه لاتوجد هذه البدائل في واقع عالم اليوم الذي تسعى كل دولة فيه إلى السعي الحثيث لإستثمار كافة مواردها حتى تتمكن من العيش الكريم.وعلى كل عاقل أن يتصور إحتياجاتنا  الإقتصادية والأمنية والإجتماعية في العقود القادمة دون شراكة ومشاركة حقيقية للمرأة السعودية فالبترول والموارد المالية منه ليست دائمة وبالتالي وفي ذلك الوقت الصعب سوف تبكي الأجيال القادمة على تفريطنا وسوء قراءتنا للمستقبل وعندها سوف يرددون "إذا فات الفوت ماينفع الصوت".
لقد تعب المخلصون وهم يسلطون الضوء على هذا الواقع المحزن ويأملون في كسر دائرة هذا التابو المضحك ولكن كل هذه الجهود تطير في الهواء لأن المستقبل البعيد لايرغب الكثيرون في معرفته وإستشرافه.
أمالنا كبيره بإن نجد مسار جديد ورؤية صادقة لمستقبلنا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق