يدور هذه الأيام مصطلح "التحول الوطني" معبرآ عن رؤية ومنهجية لقيادة التنمية في المملكة ورفع كفاءة التنفيذ وتطوير آلية ومراقبة أداء القيادات التنفيذيه في خطوة تأخرت كثيرآ حيث كان الوزراء و من في حكمهم ذو هالة و"برستيج" تجبر الناس على التسبيح بحمدهم إلا من رحم ربي. وكان ذلك الواقع ليس أمرآ سيئآ أو خروج عن النص ولكنه نتاج فلسفة العمل وبيئة الحياة الإجتماعية في وقته . وكانت الأمور تسير بشكل جيد ومن طرف واحد حيث كان الطرف الأخر ينقصه الكثير لإستيعاب ما يحتاجه وإنما يعول على ماتراه النخب ويثق بتميزها وقدرتها .وكانت النجاحات ظاهرة في وضع المجتمع على بداية الطريق وتهيئته لمرحلة الإنطلاق في سماء الوجود التنموي العالمي . ولعل من أهم نجاحات مرحلة ماقبل الإنطلاق هي إنتشار التعليم والإنفتاح على العالم سفرآ و قراءة ومشاهدة مما أوجد مخزونآ هائلآ لما تحتاجه الأجيال المستقبلية والمعايير الحياتية التي لايرضون بأقل منها . عند وصول المجتمع لهذه المرحلة بدأت تظهر وتبرز نقاط الخلل ومسافة الطموحات بين إحتياجات المجتمع وإمكانات الأجهزة التنفيذية وقدرة القيادات لهذه الأجهزه. كانت الفجوة تتسع بين الطموح والواقع ولم تستطع الأجهزة التنفيذية اللحاق بما يريده المجتمع وما تتطلبه معايير التنمية العالمية على الرغم من الإنفاق العالي من قبل الحكومة . لقد أصبح واقع التنمية مثل صاحب البيت المتهالك الذي يرمم كل يوم شيئآ ولكن بقي البيت يعاني مشاكل تحد من صلاحيته للسكن المريح الحديث .
إن هذا الواقع أصبح ظاهرآ للعيان وكانت القيادة تعمل كل جهدها لإصلاح الحال ولعل ظاهرة تغيير الوزراء في السنوات الأخيرة مثالآ لما يدور في ذهن القيادة من عدم رضا عل مسيرة التنمية وقدرة القيادات التنفيذية . لقد أصبحت قضايا البطالة والإسكان والتعليم و البنية الأساسية حديث المجالس العامة والخاصة . وكانت الهوة تزداد بين طموح القيادة ورغبات المجتمع وتقوقع الأجهزة التنفيذية وعدم قدرتها على الخروج من النمطية القديمة وفلسفة العمل التي تعداها العالم ودفنها في مقابر التاريخ.
كانت هنالك أصوات قليلة تحاول أن تعلق الجرس وتنادي بإحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي في أجهزته المباشرة أو في إشرافه وتوجيهه للقطاع الخاص ولكن (وكماهي العادة في كل مكان) يجدون من يتخندق في دهاليز القرار ويقف سدآ منيعآ للتطوير والتحديث مرة بعدم القدرة ومرة بعدم مناسبة الوقت ومرة بدعوى الخصوصية والقائمة تطول . إلا أن حقيقة هذا التخندق تتمثل في رأيي بمرتكزين هما عدم القدرة والكفاءة و كذلك الحرص على المصالح الذاتية .ولعل من يقرأ في الصراع الدائم بين التقليديين والحداثيين وفي أي علم أو مجال يعي ويستوعب ماهية الصراع المشار إليه ونتائج ذلك والتي تأتي دائمآ في صالح الحداثيين مهما طال الزمن إلا أن كل تأخير يؤدي بالضرورة إلى زيادة فاتورة التكلفة ماليآ و أمنيآ والشواهد والتجارب في أنحاء العالم مليئة باالبراهين والأدلة .
اليوم بلادنا تنطلق في خطوة مهمة يقودها مجلس التنمية والإقتصاد بقيادة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تتمثل بما يطلق عليه التحول الوطني حيث تعقد الأن ورش عمل كبيرة لمحاور عدة لايمكننا الحديث عنها حتى تظهر نتائجها ولكن هنالك مؤشرات إيجابية ورائعة منها مايلي :
1- أن هذا التحول أو الفلسفة الجديدة للتنمية يقوده وبشكل مباشر صاحب قرار هو الأمير محمد بن سلمان
2- فلسفة التحول الوطني هي تجاوز لبيروقراطية وجمود أجهزة التخطيط عندنا
3-طرح آلية محاسبة وتقييم واضح لكبار التنفيذيين من وزراء وماشابههم وبشكل علني لأول مرة.
4- مشاركة الكثير من أبناء المجتمع أفرادآ ومؤسسات مجتمع مدني في هذا الحراك على الرغم أنهم خارج دائرة الحكومة وتوابعها بل وعدم قبولهم من هذه الأجهزة
5- الشفافية وإطلاع المجتمع على مايدور وتجاوز مصطلحي السرية والخصوصية اللتان وقفا حجر عثرة في طريقنا لسنوات عديدة.
نحن نعيش بداية مرحلة جديدة تتطلب منا المؤازرة والدعم والتفاؤل بغد مشرق وعدم الإلتفات للمحبطين واليأسين والمدسوسين. أنها مرحلة إما أن تفتح للوطن بوابة الإنطلاق ومعالجة الأخطاء وإستثمار الإمكانات لتحقيق حياة سعيدة لكل من يعيش على هذه الأرض أو (لاقدر الله) البقاء في دائرة التذمر والشكوى من بطالة و نقص خدمات وظواهر سلبية مثل كوارث سيول أو إنهيار مبان أو إنفلات إمني وإجتماعي وثقافي تتسع دائرته حتى يعم الجميع ويصل لمن لم كان يعتقد أنه في حصن حصين كإبن ألنبي أدم عليه السلام يوم باغته الطوفان.ا
اللهم وفق قائدنا خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز لرفعة وعزة هذه البلاد وشد من أزره بوجود وتوفيق ولي عهده الأمير محمد بن نايف . اللهم وفق ولي ولي العهد محمد بن سلمان رئيس مجلس التنمية والإقتصاد والذي يقود هذه الأيام حراكآ تنمويآ غير مسبوق سيغير واقع التنمية السعودية ويوصلها إلى ماتستحقه من موقع وما يستحقه مواطن مملكتنا من حياة كريمة أمنة مستقرة.
أخيرآ هي رسالة محبة من أجل الوطن ومن واقع مشاهدة ودراسة للتجارب التنموية أرجو العناية بآليات التنفيذ وعلى رأسها الكوادر القيادية فكم من أفكار عظيمة قتلها سوء إختيار من ينفذها.
حفظ الله البلاد والعباد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق