الاثنين، 10 أبريل 2017

رجال على (( شارعين ))

من المفاهيم السائدة في المجتمع ( وليس بالضرورة أنها صحيحه ) أن الأرض التي تقع على شارعين هي المفضلة مقارنة مع الأرض التي على شارع واحد . وفي سبيل تبرير هذا الفهم السائد تنتشر التبريرات والإيضاحات لهذا الإختيار ولكنها في الغالب تصب في إتجاه واحد يتمثل في أن الأرض التي على شارعين تعطي مالكها خيار سلوك أكثر من طريق , بل قد يصل الأمر إلى أنها تشبه ما يعمله الجربوع في الصحراء ( أو اليربوع كما يقال لغوياً ) من وجود مخرجين يستخدمها في الهروب من المحاصرة فكلما أتى أحد من مخرج هرب إلى المخرج التالي . بمعنى آخر إن ما يقوم به الجربوع هو إستراتيجية مرسومه وتكنيك متطور لحماية نفسه .
لقد دار في فكري مثل الأرض ذات الشارعين وجربوع الصحراء وأنا أراقب سلوك بعض الناس وإتخاذهم للمواقف . فهم مثال حي على فكرة الشارعين لمسكن واحد ومخرجين لحفرة جربوع في الصحراء . فإذا حدث حدث أو طرآ طاريئ فبعض الناس يتصنم ويتقوقع وراء مبدأ الهروب و سياسية البابين أو المخرجين . بمعنى آخر هذه النوعية من الناس تضع قدمها في مكان وقدمها الأخرى في مكان آخر بحثاً عن مهرب ترتدي في ذلك لباس التلون والضبابية فلا تعرف ما هو موقفه وماهي قناعته فهو يمدح ويذم ويؤيد ويعارض فكل فئة يسمعها ما تريد ويريها نصف وجهه الذي يرغبون في رؤيته . هذه النوعية من البشر لا تصنف من فئة المنافقين بل هي أخطر وأضر . هي فئة بهلوانية تلعب وتسير على الحبال في وسط خيمة السيرك المنصوبة حيث يحبس المتفرجون أنفاسهم لتوقع سقوطهم ولكن ذلك غير وارد لأنهم متمرنين على السير على هذه الحبال ويجيدون حفظ توازنهم . إنهم فئة خطيرة مرعبة خاصه إذا كان سلوكهم وممارستهم ذات مساس بالمصلحة الوطنية .
نعم هذه الفئه الحربائية تثير الرعب والخوف في قلوب الوطنيين لإنهم شطار في التلون ويصعب كشفهم وإذا تم إكتشافهم فإنه يصعب مجابهتهم بهذه الحقيقة وذلك لأسباب أقلها القيم الإجتماعية .
إن فئة رجال على (( شارعين )) يمكن رصدهم بشكل يومي في خطابهم المتردد في وسائل التواصل الإجتماعية أو ما يعرف (( بالسوشل ميديا )) . إن لغتهم وإشاراتهم ومصطلحاتهم تدور في نطاق أرض الشارعين أو المخرجين لجربوع الصحراء .
هم مع هذا ومع ذاك في نفس الوقت حتى لو كان ذلك من سابع المستحيلات في المنظور العقلي والفكري . ولكنهم لا يخجلون من هذه الممارسات ويرونها ذكاء ودهاء .ولعل أقرب مثال في الأحداث الحالية يخطر على البال هو لغة وخطاب فئة بلينا بها فهي ترفع الصوت في وجه الترفيه البريئ وتسرب لمتابعينها مواقف متشنجة وتدعوهم للتشنج ولكنها في نفس الوقت تسرح وتمرح في أماكن الترفيه العالمية خاصة في دول يرونها (( معصومه )) وتحل عليها بركة الله من دون بلاد الدنيا .
مثال آخر للفئة المشار إليها هو الموقف الأخلاقي من الأرهاب وعمليات القتل والتفجير فذلك يخضع لديهم لإستراتيجية جربوع الصحراء فبعض الاحداث يلزمون حيالها الصمت وبعضها يشجبونه بلغة ضبابية مبهمة وبعضها يقدمون حيالها صوتين أحدهما موجه للعامة والآخر لمن يسير في غيهم ويتبع فكرهم ووهمهم في السياسية الدولية .
ولعل من يتابع التفجيرات الأخيرة في مصر وردود الأفعال حيالها لا يمكن أن تخطئ عينه ولا يغيب عن عقله ما بدأنا به هذا المقال . بل وصل الأمر إلى أن بعض القنوات الفضائية (( الجربوعيه )) رقصت وبشكل وقح على جرح مصر العروبة وآلام إخواننا المصريين معيدة إلى الذهن مخارج جربوع الصحراء . ولكن ما يخفف مصابنا وألمنا هو موقف هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية والتي وكما هي عادتها كانت سباقة في وضع النقاط على الحروف وإيضاح موقف الإسلام النقي الصافي الذي يضع كرامة وحياة الإنسان في رأس إهتماماته بصرف النظر عن المكان واللون والجنس . فشكراً لعلمائنا الكبار وجزاكم الله خيراً .
أما فئة رجال (( شارعين )) فسوف يأتي اليوم الذي تنكشف فية الأقنعة وتضيق عليهم المخارج فكثير من الجرابيع لم تنفعها تعدد مخارجها من محاصرتها من قبل صائدي هذا النوع من المخلوقات ولكنه الوهم الذي يعشعش في بعض العقول وأيضاً في العقول الذي لم تستوعب مسار التاريخ وتطور المجتمعات .

وبالله التوفيق من قبل وبعد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق