لماذا نحن اليوم سعداء ياجيل السبعينات ؟
السعادة والفرح مطلب إنساني وهي نتيجة وخلاصة أسباب كثيرة
تختلف من شخص لآخر ومن جيل لغيره ومن مكان إلى مكان . وقياساً على المثل المعروف
" أن تصل أخيراً خير من أن لا تصل " يمكننا القول (أن تفرح أخيراً خير
من ألا تشعر بالفرح ) . إن جيلي الذي عشت معه وهو جيل السبعينات الميلادية يشعر اليوم
بفرح وسعادة كبيرة رغم أن العمر والسنين من المفترض أن لا تمكنه من تلك السعادة
والفرح . نعم فنحن اليوم ياجيل السبعينات أعطانا الله من العمر ما جعلنا نرى ضوء السعادة ودغدغات الفرح بسبب ما يشهد وطننا
الآن من حراك وتغيير في طريق التطور والتنمية وفي المسار الذي تسلكه الشعوب
الإنسانية في كل أنحاء العالم . ما يدخله وطننا اليوم من حقبة تاريخية كان حلماً
لنا وكان المحبطين والحاقدين يرونه سراباً يخدع أنظارنا .
كنا في أواسط الستينات وأوائل السبعينات نلتمس طريق
الحياة الحديثة وكنا حكومة وأفراداً نسعى لذلك كل حسب إمكاناته وقدراته . وعلى قلة
الإمكانات فقد كنا نرسم الخطط وننفذ البرامج التي تؤدي إلى حياة سعيدة حدها
وطموحها هو ما يحصل في العالم المتقدم . نعم الإمكانات محدودة ولذلك فإن النتائج
كانت أقل من المطلوب ولكننا كنا نرى أننا على الطريق الصحيح وأن المسألة مسألة وقت
. كنا نفرح وكنا نلعب وكنا نتسامر وكنا نتعلم بروح العصر الحديث . كنا نشاهد المسرح
والسينما وكنا نمارس الرياضة في الشارع والمدرسة والنادي . كنا نحلم بأرقى المستويات
من التعليم والثقافة ولذا كانت المدارس الليلية تنتشر كأنها جامعات معبرة عن لهفة من
فاته قطار التعليم واضطرتهم ظروف الحياة للعمل ولكنهم كانوا يخرجون من مكاتبهم أو
مكان أعمالهم ويتجهون للمدارس الليلية بطموح وفخر لا حدود له.
كانت الأنشطة الرياضية والثقافية و المسرحية لا تتوقف وكان
بناء الإنسان جسماً وعقلاً هدف لا تخطئه العين
حتى وصل الأمر في يوم ما لتأمين الوجبات الصحية السليمة للطلاب في كل مدارس الوطن في
مدنه وقراه.
كنا سعداء عندما
نذهب الى ورش السيارات ونشاهد إخواننا المواطنين يكسبون رزقهم بشرف وعرق جبين وعندما
يحين وقت الغداء مثلا والسيارة لم ينتهي إصلاحها نذهب معهم لبيوتهم نأكل ما يسره الله
في ترابط أخوي لا يعرف (النفخة الكذابة) أو يحتقر المهن الشريفة . كان المعهد
الملكي رمزاً للمستقبل الصناعي المأمول حيث يمثل شبه جامعى يتولى الإشراف عليه
الفكر والمنهج الألماني للتعليم التقني ويتسابق عليه شباب الوطن بشغف عارم.
كنا سعداء لأننا كنا جيراناً من كافة أنحاء البلاد وكنا لا
نفرق بين شمال وجنوب ولا نسأل عن مذهب ومنطقة الجار فهو جار ومواطن فقط . كان
جارنا أو زميل عملنا يقيم بحسن خلقه وكفائته بصرف النظر عن أي عوامل أخرى . كان
الوافدون من أخوة عرب ومسلمين أو جنسيات أخرى يخالطوننا ونخالطهم دون أي تحفظات أو
إحترازات فكنا نأكل من أكلهم ويأكلون من أكلنا ونخرج مع بعض للنزهات البرية
البريئة فلاهم ولا نحن ننظر بشك أو ريبة أو حسابات خارج الأخوة والعلاقة الإنسانية
المحترمة . كل هذه المؤشرات التنموية لمستقبل زاهر زادت بريقاً عندما رزقنا الله بإرتفاع
أسعار البترول في عام 1973م وإنطلقت الخطة الخمسية الأولى وتسلم قيادة الأجهزة الحكومية
ما يعرف بجيل التكنوقراط فإنطلقت ورشة عمل كبرى في الوطن وتم تحديث معظم مكوناته العمرانية
من إسكان وطرق وكهرباء وماء ومدارس ومستشفيات . لقد كان الوطن هوأكبر ورشة إعمار عالمية
حتى أن الجميع أصبح واثقاً أن المسألة مسألة وقت لدخول مرحلة جديدة هي أقرب للدول العظمى
في أوروبا .
ومع هذا الإنفتاح والتحديث كان المجتمع متماسكاً واثقاً
في نفسه ويحترم قيمه ومعتقداته ويحظى فيه العلماء الإسلاميين بالتقدير والإحترام وهم
في نفس الوقت لا يقفون عقبة في حقوق التقدم والتحديث المشروعة التي يرغب فيها المجتمع.
وفي غمرة هذه الأفراح بدأنا نسمع ونرى مظاهر لم نفهمها ولم
نقف في وجهها وغلبنا حسن الظن فأخذت تتمدد حتى استيقظنا صباح يوم مشؤوم على كارثة إحتلال
الحرم من فئة أعماها ضيق الأفق ودسائس الأعداء .
كانت الصدمة كبيرة فأهتزت الثوابت التنموية وقام أعداء التطور
والتحديث بإستغلال الحدث لتمرير أجندة قبيحة تقوم على إيقاف كل ما عملناه في السابق
وتضييق الخناق على قيم الانفتاح والتحديث وتصوير الأمور على أنها إما إنك مع الحق أو
إنك مع الباطل وفي هذا الجو الذي الذي يشبه المكارثية في أمريكا تم محاصرة كل فكر
تطويري وخنق كل مفكر أو تحديثي لا يسير في التيار المراد هيمنته على الأفراد وعلى القرار
. هذه المرحلة لها تفاصيلها وخباياها التي
ليس هذا مكانها الآن وليست هدف هذه المقالة المتواضعة ولكن الإشارة لها هي لتحديد
فترة زمنية عشناها منذ عام 1980م شهدت مساراً غريباً لم نكن نتوقعه أونتمناه. ولقد
استمرت هذه الحقبة سنين طويلة مع وجود بعض لمحات الضوء وبشائر الفرح ولكن في نطاق
محدود زمانياً ومكانياً.
وفي لحظات الإحباط
واليأس عندنا نحن يا جيل السبعينات وهبنا الله سبحانه وتعالى الأمل بوصول مقاليد الحكم
لرجل استثنائي هوخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز . ومنذ اليوم الأول
لبيعته من قبل الشعب وهو يقول للوطن والمواطن أبشروا بالخير وسيعوضكم الله خيراً كثيراً
وستشهد بلادكم مرحلة جديدة لن تكون محل رضاكم فقط ولكنها ستكون مرحلة بناء مستقبل وطنكم
وأبنائكم و أحفادكم بشكل وصورة لم تتوقعوها . ولذا كان كل يوم وكل شهر يشهد عدد من
القرارات والأوامر السامية التي تصحح وتصلح وتضبط الأمور من الرأس حتى القاعدة . سنوات
ثلاث كأنها الحلم الذي لا نريد الاستيقاظ منه . وبما أن سلمان الحكمة والحكم والقرار
يعرف ويخبر كل دهاليز الحكم فقد رأى أن المستقبل يحتاج إلى رجل مستقبل إستثنائي فكان
الاختيار للمجدد الجديد وأمل شباب الوطن محمد بن سلمان الذي أوقف عقارب الساعة
وأعاد تأهيلها لتنطلق من جديد حسب التوقيت العالمي وليس المحلي فقط . اليوم نحن
نعيش مرحلة ليست مرحلة تجديد وتحديث ولكننا نعيش مرحلة بناء وطن جديد بكافة مكوناته
وسياساته ورجالاته . أننا نعيش اليوم مرحلة بناء الدولة السعودية الرابعة والتي
لخبطت أوراق التآمر والتخلف وضيق الأفق . نحن
الآن في مرحلة شهدت كثير من دول العالم مثيلاتها مثل ( أوكنار -المانيا ) (مهاتير
-ماليزيا ) وسنغافورة وكوريا الجنوبية .
وقبل أن أختم هذه المقالة فإنني آمل من كل قارئ أن
يوافقني الرأي بأن ما ذكرته من وقفات ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ليست مجرد إنطباعات
مرسلة ولكنها - في رأيي على الأقل- مؤشرات تنموية تعكس صفحات من النظريات العلمية
التنموية . فالمؤشرات هي معيار للقياس وليس مجرد كلام عابر .
كل ما سبق في هذه المقالة المتواضعة هوسبب عنوانها .
فأنا كواحد من جيل السبعينات أشعر بالفرح والسعادة لأننا عشنا لنرى أن وطننا مقبل
على خير كثير . سعادتي وسعادة جيلي ليس لإننا سوف نلحق فقط بأن نتمتع بثمرات ما يقوم به محمد الخير
والتطوير ولكن سعادتنا الحقيقية هي ما نراه في وجوه أبنائنا وأحفادنا اللذين يشعرون اليوم أكثر من أي وقت أخر أنهم يمسكون
بأيديهم مستقبلاً مشرقاً كله سعادة وفرح وتطور . سعادتنا ياجيل السبعينات من
سعادة هذه الوجوه الفرحه المتفائله .فاللهم زدهم سعادة وفرح وأطل في عمر سلمان بن عبد العزيز ومحمد بن سلمان
لما منحوه من أمل لأجيال المستقبل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق