الاثنين، 9 أكتوبر 2023

عبقري السياسة والسياسي العبقري الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز

هنالك أشخاص في المسيرة الإنسانية تظهر كومضات ساطعة ونادرة تضع بصمتها وتترك تأثيرها في الحياة البشرية وتمضي في طريقها مما يجعلها كنزاً تاريخياً يعمر لأجيال مستمرة على مر الزمن. ومن تفرد وتميز هذه النوعية من الأشخاص أن ما يطرحونه من أفكار وقراءآت للمستقبل تظهر مرة أخرى عند وقوع الأحداث أو الأزمات وكأن ذلك كتاباً مفتوحاً .  

 ومن هؤلاء النوادر صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز الوجه السياسي البارز والمعروف على المستوى العالمي والمحلي حيث كان بؤرة الضوء التي تدور حولها فراشات الإعلام خلال الثلاثين السنة الماضية نظراً لتأثيره وأثره الواضح في العلاقات الدولية والاستراتيجيات السياسية التي قادت سفينة الفكر السياسي وإدارة الأزمات الدولية. ومما لاشك فيه (وهذا من وجهة نظر مراقب بسيط و قارئ للأحداث) أن تميز سمو الأمير بندر بن سلطان لم يكن فقط نتيجة تعلم وقراءة وخبرات مكتسبة ولكن هنالك صفات ومكونات ذاتية حباها الله له استثمرها وزاد من فعاليتها بما كسبه من تعليم وتجربة فأوجدت النموذج النادر الذي عرفه ويعرفه الجميع وتتصف به شخصية سموه.

الكل يعلم أنه سموه متحدث ومحاور بارع وعنده قدرة كبيرة لإستشراف الأمور فهو في رأيي من مدرسة مايعرف بالاستشراف الاستراتيجي (Futuristic strategies) والتي هي أعلى مراحل الفكر الإستراتيجي في عالم اليوم الحديث التي تتفوق وبمراحل على المدرسة الفكرية المعروفة والشائعة بين الناس والتي تعرف بمدرسة الدراسات الاستشرافية (Futuristic studies) .

ومن أهم مميزات صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان أنه متحدث بارع يصل بحديثه إلى الهدف المنشود وهو الإقناع ولكن بذكاء وإسترسال ذكي وبسيط دون صدام أو إثارة الطرف الآخر. إنه أسلوب الذكاء البارع لإصطياد الغنيمة وتحقيق الهدف أو مايعرف بثقافتنا الشعبية بغارات الذئب وكلنا يعرف أن الذئب لا يهرول عبثاً.

ومن حصل له شرف الإلتقاء بسموه أو تابع إنجازاته ومسيرته العملية أو لقاءاته الإعلامية يستنتج أن من أهم أساليب إدارته للأزمات والمشاكل التي يتبعها هو ما يعرف بطريقة التفكيك للأزمة وتحويلها إلى أجزاء ومن ثم وضع حلول لهذه الأجزاء وإعادة تركيبها مرة أخرى فإذا الجميع أمام حل شامل لم يكن يدور في الذهن أو أنه كان صعب التحقيق لو أخذت المشكلة ككتلة واحدة. طبعاً قد يظن أو يعتقد البعض ان هذا أمر سهل يمكن تطبيقه ولكن من الممارسة الحياتية فإن تحديد حجم الأجزاء المراد دراستها من المشكلة يتطلب كفاءة وقدرة وخبرة ووعي وهي ما يميز شخص عن آخر ولاينجح بذلك إلا القليل من الناس.

صفة أو تميز آخر لاحظته في سمو الأمير بندر (كغيره من النوابغ والنادرين) هو قربه من ذهنية الكثيرين فهو مطبوع في عقولهم حتى لو لم يحتكوا به أو يعرفوه عن قرب ويكون ذلك نتيجة صورة ذهنية رسخت في العقل الباطن للمتلقي. ولعلي من هذه المجموعة التي انغرس في عقلها صورة الدبلوماسي البارع والذكي لسموه حيث لا يفارق مخيلتي الصورة الفوتوغرافية التي انتشرت في الثمانينات الميلادية وسموه يجلس على طرف الكنبة التي يجلس عليها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بوش وبشكل نادر في بروتوكولات الرؤساء (ومن يريد أن يرى بالعين ما ذكرته فليبحث في المواقع وسيجدها) مما خلق عندي منذ ذلك الوقت انطباعاً يتمثل في مدى تمكن وترابط واستراتيجية العلاقات بين السعودية وأمريكا وأن سموه قادر على إدارة أي ملف دبلوماسي أو إستراتيجي سواء على مستوى العلاقات بين الدولتين أو المجال الأوسع في إدارة ملف العلاقات الدولية والمصالح المشتركة في التأثير العالمي. طبعاً أنا ليس لدي إطلاع كبير على منجزات سموه الكثيرة والمتعددة ولكن ما عرفته من مقابلته في قناة العربية أوضح قدرته الكبيرة والعجيبة وكفاءته النادرة في تفكيك أصعب المواقف مثل قضية لوكربي أو الملف العراقي أو القضية الفلسطينية وغير ذلك كثير. وكذلك مدى أهميته في مجالات العلاقات الدولية الإستراتيجية.

ولعل هذه المعلومات البسيطة عندي وعند عامة الناس هي ما يدفعني إلى إقتراح بأن تنتهز أي وسيلة إعلامية ناجحة الفرصة بإعداد برنامج حواري يتناسب مع نوعية سموه من الرجال ويكون البرنامج على أجزاء متعددة. ومثل هذا البرنامج لاشك أنه يحتاج إلى  محاور متمكن يسانده فريق إعداد متخصص ومتميز بحيث يستخرجون من هذه اللقاءات كنوز المعرفة الفكرية والوقائع الحقيقية والتجارب الشخصية. فمثل هذا الجهد لو تحقق فإنه سيكون ثروة فكرية ومعرفية للأجيال وسجلاً صادقاً دون تزييف لتاريخ إنساني لانعرف منه إلا النذر اليسير (كما يقال رأس الجبل الثلجي). فهل تبادر المؤسسات الإعلامية وبسرعة لإنجاز ذلك أما أن نمارس التكاسل والتهاون فيؤدي ذلك إلى ضياع جزء من تاريخنا الثقافي والمعرفي ودورنا الريادي في الأزمات الدولية.

ونظراً لما تشهده مؤسسات الإعلام السعودي من تطوير في الأونه الأخيرة والتي كان آخرها إطلاق وزير الإعلام قناة "السعودية الآن" فإنني أمل أن يسبقوا الآخرين بتنفيذ مقترح البرنامج الحواري مع صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز. فلو تمكنوا و نجحوا بذلك فإنها ستكون ضربة معلم للإعلام السعودي الحديث والمحدث بما يتناسب مع تطوير وتحديث المجتمع السعودي والذي يقوده عراب الرؤية وقائد التنمية وملهم الشباب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

أخيراً ارجو ألا نقع في دوامة الأفكار البالية والتي يقودها المثل العامي " زامر الحي لايطرب " وبالله التوفيق


هناك تعليق واحد:

  1. أشهد بالله أنك أنصفت هذا الرجل النادر داهية السياسة السعودية.

    ردحذف