الاثنين، 15 يناير 2024

"أنا أفكر إذآ أنا موجود"

لعل الكثيرين يعرفون المقولة المشهورة التي أطلقها الفيلسوف الفرنسي المشهور ديكارت  والتي عنونا بها هذه المقاله والتي تلخص جزء كبيرآ من فلسفة ديكارت حيث توصل إلى أن قيمة الوجود الإنساني هي في قدرة الإنسان على التفكير السليم ومايحتاجه الوصول إلى ذلك من طرح الأسئلة وإستعراض الخيارات وترتيب الأولويات .فعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة فقد أصبح وجوده ككائن حي حقيقة موجودة على الأرض.وحينما نتحدث عن الفكر كما طرحه ديكارت فإننا لا نتوقف عند ذلك فقط بل نأخذ لأبعاد أخرى ذات صلة من أهمها التفكر والذي نؤمن أنه جزء مهم ومكمل لما قصده ديكارت من مصطلح "أفكر" ولقد ورد ذلك في ديننا الإسلامي كثيرآ سواء كان في القرأن الكريم أو السنة المؤكده.وعليه فإن الفكر والتفكر هما قيمتان مهمتان وضروريتان لوجود وتواجد الإنسان وبهما يضع بصمته الخاصة في الحياة سواء كان على المستوى العام وشئون المجتمع الذي يعيش فيه أو كان ذلك على المستوى الخاص في الشئون الذاتية أو العائيليه.إنه ليسوؤني عندما أجد إنسانآ يرى ويؤمن بعدم حاجته للفكر والتفكر وينظر للحياة بإستسلام غريب بل يفاخر بأنه "مريح راسه"ينام ويستيقظ وكل همه ملء بطنه وكأن الله خلقه لذلك متناسيآ قيمته الإنسانية لتعمير الأرض والتي من شروطها الضرورية الفكر والتفكر وأدواتهما المؤدية لهما.

 إن هذه المقالة تدعو كل إنسان أن يضع أما عينيه ويرسخ في عقله لوحة تتضمن أهمية القيام بالفكر والتفكر بكافة شئون حياته وأن يرجع إلى هذه اللوحة كلما تاه أو أغرته مغريات بعض المصطلحات مثل "مشي حالك" أو "لاتعقدها" أو "ما أحد درى عنك" وغير ذلك من محبطات ينثرها إما الفارغين أو الفاسدين أو البلهاء .ومما لاشك فيه أن مصطلحي الفكر والتفكر لن تأتي هكذا دون عناء وبذل جهد . فإن مصطلح "أفكر" يتطلب إطلاع ووعي وثقافة و قراءة ما أنتجه الفكر البشري على مر السنين . كما أن الفكر يدخل في إطاره تمحيص وتحليل وإختبار ما وصل من الأخرين من نظريات وكتابات ومباديء وطرح الأسئلة الضرورية لفهم وإستيعاب النتاج الفكري للأخرين ووضعه على طاولة التشريح الفلسفي والمعرفي حتى يصل الإنسان لقناعة بما أمام يديه .إن شحذ خاصية الفكر لاتقتصر على المعطيات الكبيرة فقط بل أنها ذات علاقة حتى بأبسط أمور حياتك اليومية الخاصة. ولذا فإن خاصية الفكر التي ندعو لها تشمل الوعي العام بكافة جوانب الحياة وأمور الكون والعلاقات الدولية (ليس بتعمق بالضرورة) والسير بها تضييقآ حتى الوصول إلى ما يتعلق بالشخص ذاته سواء في مجال عمله أو أمور بيته وتربية أبنائه .

أما التفكر فأنا أخذه لبعد أخر لواقع الحياة الحديثة وأضعه في إطارما يسمى تجارب الأخرين ومحاكاة الجوانب الإيجابية منها والإبتعاد عن الجوانب السلبية . كما يدخل في جانب التفكر (المطالب به كل واحد) تجربة الصح والخطأ في إتخاذالقرارات وعدم الوقوع في الخطأ مرتين قدر الإمكان فمن لايتعلم من أخطاءه فقد أهمل قيمته الإنسانية القائمة على الفكر والتفكر.

إنها دعوة صادقة مخلصة للفكر والتفكر وبذل الجهد لتحقيقهما من قبلنا جميعآ في كافة أمورنا العامة والخاصة بهدف تحقيق طموحاتنا لبناء مجتمع متقدم يحقق طموحات قادة هذه البلاد ويكون عونآ في الوصول لأهداف رؤية 2030. الموضوع ليس صعبآ ولا مستحيلآ ولكنه يحتاج إلى وقفة ومراجعة من كل واحد فينا والإتكال على الله لتحقيق إنسانيتنا بإعمال العقل وتغذيته بالعلم والإطلاع ومعرفة تجارب الأخرين والإستفادة منها .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق